لم يكن كشف المدير التنفيذي لشركة آبل تيم كوك عن مثليته أمر مستغربا في منطقة "سيليكون فالي" في كاليفورنيا، حيث إن ذلك لم يكن سرا هناك، غير أن محللين يرون أنه بسبب حجم شركة آبل ومكانتها فإن هذا الإعلان قد يكون له دور في تغيير نظرة الناس إلى المثليين في بيئات العمل في أميركا وحول العالم.
فقد نشر تيم كوك البالغ من العمر 53 عاما والذي خلف ستيف جوبز في إدارة آبل مقالا الخميس على موقع مجلة "بلومبيرغ بيزنس ويك"، قال فيه "أنا فخور بمثليتي وأعتبر ذلك أكبر هبة منحني إياها الله"، ويعتبر كوك أعلى مدير تنفيذي أميركي يكشف عن مثليته.
ومع أن العديد من الرياضيين وغيرهم من المشاهير كشفوا عن مثليتهم في الآونة الأخيرة في أميركا، إلا أن محللين يرون أن كوك هو وضع خاص كونه مديرا لشركة تكنولوجية كبيرة، وسيكون له دور في تخفيف وصمة العار في بيئات العمل، لا سيما في بعض الولايات في أميركا التي لا تزال تسمح قانونيا بطرد موظف بسبب ميوله الجنسية.
وقال كوك، الذي كان من ضمن "أكثر 50 شخصا مؤثرا" في مجلة "أوت" لمدة ثلاث سنوات، إنه رغم عدم إخفائه لميوله الجنسية، إلا أنه لم يعترف بها من قبل، وأضاف أنه قام بهذا الإعلان على أمل أن يكون لكلامه تأثير على غيره. وأضاف "إذا كان الإفصاح عن الحياة الخاصة، مثل معرفة أن مدير آبل مثلي الجنس، يساعد شخصا يصعب عليه تقبل ذاته أو يقدم الدعم لشخص يشعر بالوحدة أو حتى يشكل مصدر إلهام، فأظن أن هذا الأمر يستحق العناء".
وأكد مدير آبل أن "المثلية الجنسية سمحت لي أن بأفهم أكثر شعور الانتماء إلى أقلية وأن أدرك الصعوبات التي يواجهها أفراد الأقليات الأخرى".
ولا يوجد مدير تنفيذي آخر في قائمة "فوتشن 1000" كشف عن مثليته، رغم أن 3.4 في المئة من الأميركيين يقولون إنهم مثليون أو ثنائيو الجنس أو متحولون جنسيا، وفق أرقام كشفت عنها مراكز التحكم بالأمراض والوقاية منها.
وفي مقابلة مع وكالة أسوشييتد برس، قال جون براون الذي استقال من إدارة شركة "بريتش بتروليوم" عام 2007 بعد أن كشفت صحيفة تابليود عن مثليته إن كوك أصبح قدوة "وسيسرّع من التغييرات في عالم الشركات". وكان براون كتب كتابا بعنوان "الخزانة الزجاجية: لماذا تعتبر المجاهرة (بالمثلية) مفيدة للشركات" The Glass Closet: Why Coming Out Is Good Business. وتوقعت ميغان سميث وهي سحاقية وكانت من كبار مدراء شركة غوغل قبل أن تصبح "المديرة التكنولوجية الرئيسية" للحكومة الأميركية أن "الناس سوف ينظرون إلى هذا الزمن ليس فقط من أجل الابتكارات التكنولوجية الكبيرة التي حدثت فيه بل أيضا من أجل التحول في الحقوق المدنية والتبني الأكبر للمهارات حول العالم. ويعتبر تيم جزءا كبيرا من هذين التحولين".
ويقوم 53 في المئة ممن يعتبرون أنفسهم مثليين أو متحولين جنسيا أو ثنائيي الجنس العاملين في الولايات المتحدة بإخفاء هذا الجانب من هويتهم، وفقا لدراسة أجرتها منظمة "حملة حقوق الإنسان" Human Rights Campaign، وهي أكبر منظمة تعنى بحقوق المثليين في الولايات المتحدة.
اختلاف بين الولايات في النظرة إلى المثليين
وقالت ويندي باتريك، وهي أستاذة في أخلاقيات العمل في جامعة سان دييغو "أظن أن الأمر يعتمد على المكان الذي يقيم في المثليون والمناصب التي يحتلونها". وتشير إلى أن هناك 29 ولاية في أميركا لا تحمي الموظفين من إمكانية طردهم بسبب ميولهم الجنسية وأن الإداريين في هذه الولايات قد يكونوا يترددون في الكشف عن ميولهم الجنسية.
وقال تشاد غريفين، مدير "حملة حقوق الإنسان" إن إعلان كوك "سينقذ عددا لا يحصى من الأرواح"، ويضيف "لم تكف آبل عن الدفاع عن مجتمع المثليين ونحن ممتنون جدا عن هذا الإعلان الذي سيساهم في تحقيق المساواة".
وقد قام كوك قبل بضعة أيام بتحدي الولاية التي تحدر منها وهي ولاية آلاباما لكي توفر مزيدا من الحقوق لمجتمع "المثليين والسحاقيات وثنائيي الجنس والمتحولين جنسيا". وتعتبر آلاباما من إحدى الولايات التي لا تعترف بزواج المثليين ولا توفر حقوقا قانونية على أساس الميول الجنسية أو الهوية الجنسية. وقد نشأ كوك في مدينة روبرتسديل في ولاية آلاباما ودرس في جامعة آبورن Auburnفي الولاية نفسها.
أما في منطقة "سيليكون فالي" فلا يعاني المثليون من وصمة العار كما في باقي الولايات أو في الصناعات الأخرى.
وقال مايكل مالون الذي كتب العديد من الكتب عن تطور شركة "هيولت باكرد" وإنتل وغيرها من الشركات إن منطقة "سيليكون فالي" هي منطقة شركات قائمة على الهندسة، "فإما أن يقوم الشخص بوظيفته أو لا يقوم بها، وإن لم يقم بها فسوف يغادر. وإن قام بها فلا أحد يسأل عن حياته الشخصية".
ولا نعرف حتى الآن كيف سيؤثر إعلان كوك عن مثليته على الولايات المحافظة التي يوجد فيها فروع لشركة آبل.
كيف ستؤثر مثلية كوك على بقية العالم؟
وقال تود سيرز، المسؤول عن "أوت ليدرشيب" Out Leadership، وهي منظمة تعنى بحقوق المثليين إن "رد الفعل العالمي لموقف كوك سيكون جديرا بالاهتمام؛ فهل ستقوم سنغافورة باعتقاله حين يزورها في المرة القادمة؟"
وفي روسيا، قام فيتالي ميلونوف، وهو برلماني في مدينة سانت بطرسبرغ ومعروف بتصريحاته المعادية للمثليين، الخميس بالمطالبة بمنع دخول تيم كوك إلى روسيا مدى الحياة.
غير أن إعلان كوك عن مثليته لا يتوقع أن يكون له تأثير على مبيعات آبل في روسيا حيث إن الناس هناك لا يخلطون بين الأيديولوجية والاستهلاكية.
وقال ريتشارد زويغينهافت وهو أستاذ علم النفس في جامعة غيلفورد ومؤلف كتاب "التعددية في النخبة المؤثرة" Diversity in the Power Elite إن شعبية منتجات آبل وتأثيرها جعل من السهل على كوك أن يكشف عن مثليته. وأضاف "هذا الإعلان لن يساعد آبل ولن يؤذيها، إنها شركة لديها مناعة إلى حد كبير لأن منتجاتها ناجحة جدا".
ويحتمل أن يكون لإعلان كوك تأثير على نظرة الناس للمثليين لأن منتجات آبل محبوبة حول العالم. وكما يقول سيرز "من الصعب أن تكون معاديا للمثليين وأنت تحمل جهاز آيفون الآن".
http://www.ar.gaymaroc.net/2014/11/blog-post_58.html