تعتبر ممارسة العملية الجنسية من دون استخدام الواقي، أو الاحتياطات الوقائية الأخرى، من أهم أسباب عدوى وانتشار مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) في العالم.
والمصابون بهذه الطريقة هم أناس يتلقون المرض عن غير قصد، غير أن آخرين يسعون قصدا «لامتلاك» الفيروسات الخطيرة في دمائهم، وهؤلاء يمارسون لعبة «حافة الموت»
حسب الباحث الألماني السيد (فيل لانجر)، اختصاصي الأمراض الفيروسية في جامعة ميونيخ الألمانية، و الذي اجري دراسة تفصيلية حول الأسباب التي تدفع بعض الألمان لإصابة أنفسهم عمدا بمرض الإيدز. بحث في الإنترنت عن المواقع التي يتبادل فيها هؤلاء الناس عروضهم حول منح واستقبال الفيروسات وأرشف الكثير من الحالات الخطيرة التي تشي بأسباب هذه الظاهرة.
وأجرى السيد (لانجر) مقابلات تفصيلية مع رجال و نساء عرضوا «بضاعتهم الفيروسية» على صفحات الإنترنت، تلقوا « برضاهم » المرض أو أنهم نقلوه عن وعي، وبإرادة الآخر، إلى من يطلبه.
أجرى السيد (لانجر) إحدى هذه المقابلات مع السيد (بيتر ك) الذي عمم إعلانا على الإنترنت يقول فيه إنه يحمل فيروسات إيدز بالغة العدوانية في دمائه، وإنه يبدي استعداده لنقل الفيروسات إلى من يرغب ومن الجنسين.
وذكر السيد (بيتر ك) أنه نقل المرض حتى الآن إلى 8 أشخاص عن طريق الاتصالات على الشبكة الإلكترونية، ويؤكد أنه التقى بهم شخصيا كلهم، ذكورا وإناثا، وتناول وجبات عشاء شهية معهم ثم ذهب معهم إلى الفراش.
ويتحدث السيد (لانجر) عن عشرات المواقع على الإنترنت التي يجري فيها تبادل بضاعة أحد أخطر الأمراض التي واجهتها البشرية منذ ثمانينات القرن العشرين.
ويستخدم « مانحو » الإيدز كلمة « بوزن » (Pozzen) الألمانية تأكيدا لحملهم فيروسات المرض. وكما هو واضح فالكلمة عبارة عن فعل جرى نحته من كلمة «بوزيتيف» التي تعني «إيجابي» وتعبر عن حمل الشخص لمرض الإيدز.
ويورد الباحث في مجلة «الطبيب الألماني» بعض النماذج التي تابعها على الإنترنت «بوزن بوي» يبحث عن متلق طوعي لفيروسات الإيدز! و هو شاب اسمه «البرليني 666» يقول: «انني بحاجة إلى بوزن يصيب صديقي بالمرض». واخر اسمه «المغامر 28» يقول: «إنه سلبي ويبحث عن بوزن»، ويرد عليه "بيركلي" بالقول: «إنه مستعد تماما لإصابته وقتما يرغب»!!
وعلى الرغم من تناقص أعداد المصابين بمرض الإيدز في ألمانيا خلال السنوات القليلة الماضية، وتحول الإيدز إلى مرض مزمن غير قاتل بالضرورة، فإن منظمة العون ضد الإيدز لاحظت تصاعد ظاهرة البحث في الإنترنت عن مانح للمرض.
ويقول السيد : (كاي أوفة ميركينيش)، من المنظمة : «إن مئات الألمان يبحثون سنويا على الإنترنت عمن يوافق على نقل فيروسات المرض إليهم، وبينهم نحو 24 شخصا كمعدل ممن ينجحون في إصابة أنفسهم فعلا بالمرض».
وحسب معلومات السيد (ميركينيش)، فإن أبطال العالم في السعي لإصابة أنفسهم بمرض الإيدز هم الأميركيون، وخاصة المثليين منهم، من ولاية كاليفورنيا.
ربما أن ذلك ناجم عن شعور بالذنب، لأنهم نجوا من «الموجة» الأولى التي فتكت بهم في الثمانينات، وربما أن ذلك أصبح تقليدا أو «عبادة» لجيل الضحايا الأول.
ويستخدم الأميركيون على الإنترنت تعبيرات أخرى ابتكروها لهذا النوع من لعب مثل (Gift Giver) و(Bug Chaser).
و لنعد إلى أرشيف الباحث السيد (فيل لانجر) ان نوع الإعلان على الإنترنت يكشف إلى حد ما أسباب وخلفيات هذه العقلية «المريضة».السيدة (إيفون 23) تبحث عمن يصيبها بمرض الإيدز، وحينما رد عليها الشاب «جوليو2»، مبديا استعداده لنقل العدوى إليها، كتبت تقول له : «عظيم، أستطيع بعد ذلك أن أنقل العدوى إلى الآخرين، وخاصة من يستحق ذلك من الرجال».
رجل الأعمال. (س)، يتحدث عن إفلاس شركته، وتراكم الديون عليه واحتمال تعرضه للسجن بتهمة التحايل على الضرائب. ويضيف «السجن ليس لي، أبحث عمن يصيبني بمرض الإيدز كي أقضي حياتي في المستشفى».
الشاب «بيتر 29» نجح في العثور على متبرع قبل ثلاث سنوات من الآن، لكنه لم يذهب إلى الطبيب ويفضل الموت البطيء على البقاء في هذه الحياة.
وهذا الشاب معذب في طفولته، في المدرسة وفي البيت، لم يكمل المدرسة، عاطل عن العمل، ويعاني من خوف دائم من الحياة. يكشف أنه التقى مع المتبرع في مطعم، تناولا (سباجيتي)، وحاول المتبرع الرجوع عن وعده، فصرخ به بصوت عال، سمعه كل رواد المطعم: «أصبني أخيرا بالفيروسات الملعونة»!! والظاهر، وهذا ما اكتشفه السيد (لانجر) ، هو أن السعي وراء الإصابة بمرض الإيدز ينتشر بين المثليين، من الرجال والنساء، أكثر مما ينتشر بين الغيريين.
وإذا كانت الإصابات السنوية الجديدة تشمل 25 في المائة من المثليين في ألمانيا، فإن نسبة متعمدي الإصابة بالإيدز بين المثليين تشكل 75 في المائة.
ويرى السيد (لانجر) أن سبب ذلك هو أن المثليين يغيرون شركاءهم باستمرار، إن احتمال الإصابة بجروح أكبر بينهم، كما أنهم يملكون روحية «إيذاء الذات» ويودون كثيرا لو أنهم يعيشون «على حافة الخطر مع الإيدز»، ويضيف «أنهم لا يريدون الفيروسات الخطيرة رغبة في الانتحار أو المغامرة، وإنما لأن الإيدز محفور في أذهانهم ويودون دائما أن يكونوا قريبين منه».
الأسباب إذن مختلفة، البعض يحاول الانتقام لـ «رجولة ضائعة» ويحاول بالإيدز أن يثبت «فحولته» للآخرين. آخرون يفعلون ذلك عن حب كما فعل الشاب «البرليني 666»، حينما بحث على الإنترنت عن «بوزن» يصيب صديقه بالمرض. إذ إنه ذكر في المقابلة مع السيد (لانجر) أن صديقه مصاب بالإيدز وأنه تخلى عنه بهدف حمايته من المرض، ولذلك فإنه يحاول الاحتفاظ بالصديق من خلال نقل المرض لنفسه.
البعض الآخر يريد الانتقام من الرجال، أو من النساء، أو من كل العالم، البعض يود الانتحار بشكل بطيء، ونسبة منهم يسعون إلى الشهرة أيضا كما يفعل الشاب (بيتر ك) .
ويقول (بيترك) : « إن الآخرين صاروا يعاملونه بهيبة وإعجاب، منذ أن أعلن بينهم عن إصابته بمرض الإيدز»، ويضيف «أن إحدى ضحاياه الطوعيين» منحه 200 يورو، تعبيرا عن امتنانه في الحصول على الفيروسات القاتلة.
ويؤكد الشاب (بيترك) ، أنه لا يعالج نفسه من المرض، وأنه يملك من القوة ما يؤهله «لنقل الفيروسات إلى كل العالم».
للحد من الظاهرة يفترض السيد (كاي أوفه ميركينيش) ، من منظمة العون ضد الإيدز أن تدرج القتل «الرحيم» بالإيدز لمن يريد ذلك ، أو نقل الإيدز إلى الآخرين «طوعا» وادراجه في قانون العقوبات الجزائية.
فالقتل الرحيم جدير بالنقاش لأنه قد يشمل شخصا مريضا لا أمل له في الحياة، لكن «الإيدز الرحيم» يهدد حياة الآخرين، ولا بد من عقوبات تحد منه.
منقول من الانترنت